رقم الفتوى / 265  
نوع الفتوى / مشكلات اجتماعية ونفسية
  الوسواس القهري
السؤال /
أثناء قراءتي سورة الفاتحة في الصلاة تراودني وساوس تأتي لي بأن أحرف كلمة المستقيم أنطقها بالصاد وليس بالسين، ولم أكمل باقي الكلمة، فهل هذا كفر أم لا؟ وهل عليّ إعادة الصلاة والصيام؟  
الجواب /

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه؛ فإن الوسواس مرض يعتري الشخص، يأتي له بصورة أفعال وأفكار تتسلط عليه وتضطره لتكرارها، فقد يفعل الشخص الأمر، مُكرراً له، حتى يفوت المقصود منه، مثل ما جاء في السؤال، أو أن ‏يعيد الوضوء مراراً حتى تفوته الصلاة، أو يكرر آية، حتى يسبقه الإمام بركن أو أكثر، ‏وقد يتمكن منه الوسواس فيترك الصلاة، وهذا هو المقصود الأساس من تلك الوسوسة، فعَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، أَنَّ عُثْمَانَ ابْنَ أَبِي الْعَاصِ أَتَى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي؛ يَلْبِسُهَا عليّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ، فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي» [صحيح مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة]، وغرض الشيطان من الوسوسة؛ كما في الحديث أن يلبس على العبد صلاته، فيفسدها عليه، ويندفع هذا الكيد بالاستغفار والاستعاذة، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ في نَفْسِهِ، يُعَرِّضُ بالشيء، لأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً ­-والحممة: الفحم والرماد وكل ما احترق من النار-، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» [سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في رد الوسوسة، وصححه الألباني].

وللتغلب على الوسواس، فعلى المصاب الالتجاء إلى الله ‏تعالى بالدعاء والاستغفار؛ ليكشف عنه الضر، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: 62]‏، ‏ ومن الأمور النافعة في علاج الوسوسة استحضار القلب، وتركيز الانتباه عند القول أو الفعل، وتدبر ما ‏هو فيه، فإنه إذا وثق من فعله، ‏كان ذلك داعياً إلى عدم مجاراة الوسواس، وإن عُرض له، فلا يسترسل معه؛ لأنه على يقين من أمره،‏ وهكذا يحاول تدريب نفسه شيئاً فشيئاً.

وعليه؛ فإن ما يأتيك من وساوس أثناء الصلاة إنما هي أوهام وهواجس، لا تؤثر على صحة صلاتك إن شاء الله، وصلاتك مقبولة، وصيامك صحيح، ولا دخل للكفر في مثل هذه الحالة، ‏وعليك أن توطن نفسك على الاطمئنان تجاه الله، وترمي الوساوس والأوهام وراء ظهرك، والله تعالى أعلم.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
 

المفتي / الشيخ محمد أحمد حسين 
 دار الإفتاء الفلسطينية - القدس