.:: الرسول الأسوة صلى الله عليه وسلم ::.

يسلسل أفضل الأعمال

==========================================================

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ) (صحيح البخاري، كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور )
يتضمن هذا الحديث تعليماً وإرشاداً للمسلمين بأسلوب تشويقي يقوم على الحوار والمناقشة، بعيداً عن سآمة التلقين والسرد، وفيه رتب النبي، صلى الله عليه وسلم، أفضل الأعمال الصالحة في ثلاثة مساويات أو ثلاث درجات حسب الأفضلية، أولاها تتعلق بأساس العقيدة والإيمان، وثانيها احتلها أمر يرتبط في لازم من لوازم بقاء الإسلام، والذود عنه، والثالثة ارتبطت بعبادة تمثل ركناً من أركان الإسلام الخمسة.
أفضل الأعمال وتفسير التباين قي ترتيبها
(أفضلْ) أفعل تَّفضِيل، والمقصود بالأفضلية هنا الأعمال الأكثر ثوابًا؟ (شرح القسطلاني، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 3 /96) فمدار الحديث هنا يدور حول الأعمال المتميزة في الفضل عن غيرها، وورد في أحاديث أخرى ذكر أعمال تربعت على الدرجات الأولى لسلم أفضل الأعمال غير المذكورة هنا، فعن أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، قال: (حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ-وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ- قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي). (صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها)
فالرسول، صلى الله عليه وسلم، ذكر الأعمال الأكثر فضلاً وثواباً مرتبة حسب هذا الاعتبار، ليجتهد المسلمون في القيام بها، وإنزالها في محطات الاعتبار والاهتمام الجديرة بها.
وابْنُ مَسْعُودٍ قال أن النَّبِيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدثه بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، (وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ) أَيِ: النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوِ السُّؤَالَ، يَعْنِي: لَوْ سَأَلْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا (لَزَادَنِي): فِي الْجَوَابِ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5 /1741)
وجاء في مرقاة المفاتيح أن التُّورِبِشْتِيُّ قال بهذا الصدد: اخْتَلَفَتِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ هَكَذَا، ونسبت الأفضلية في أحاديث أخرى لأعمال أخرى، وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَجَابَ لِكُلٍّ بِمَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ، وَمَا يُرَغِّبُهُ فِيهِ، أَوْ أَجَابَ بِحَسَبِ مَا عُرِفَ مِنْ حَالِهِ، أَوْ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَأَصْلَحُ لَهُ، تَوْفِيقًاً عَلَى مَا خَفِيَ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ: خَيْرُ الْأَشْيَاءِ كَذَا، وَلَا يُرِيدُ تَفْضِيلَهُ فِي نَفْسِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَلَكِنْ يُرِيدُ أَنَّهُ خَيْرُهَا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَلِأَحَدٍ دُونَ آخَرَ، كَمَا يُقَالُ فِي مَوْضِعٍ يُحْمَدُ فِيهِ السُّكُوتُ: لَا شَيْءَ أَفْضَلُ مِنَ السُّكُوتِ، وَحَيْثُ يُحْمَدُ الْكَلَامُ: لَا شَيْءَ أَفْضَلُ مِنَ الْكَلَامِ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 2/509)
وأشار الطِّيبِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إلى هذا التوفيق بقوله: قَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَحَادِيثُ فِي مُفَاضَلَةِ الْأَعْمَالِ عَلَى وَجْهٍ يُشْكِلُ التَّوْفِيقَ بَيْنَهَا، وَالْوَجْهُ مَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5 /1741)
وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ التَّرْتِيبِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ إِذْ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ الأعمال مُطْلَقًا، ثُمَّ الْجِهَادُ إِذْ لَا يَكُونُ عَادَةً إِلَّا مَعَ الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ، وَزِيَادَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ بِالسَّعْيِ إِلَى وَسِيلَةِ سَعَادَةِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ الْحَجُّ الْجَامِعُ بَيْنَ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ، وَمُفَارَقَةِ الْوَطَنِ الْمَأْلُوفِ وَتَرْكِ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ، أَوْ يُقَالُ ذَكَرَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى تَرْتِيبِ فَرْضِيَّتِهَا؛ فَوَجَبَ الجِهَادُ بَعْدَ الْإِيمَانِ، ثُمَّ فُرِضَ الْحَجُّ تَكْمِلَةً لِلْأَرْكَانِ، قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (المائدة: 3) (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5 /1741)
إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
تنكير لفظ (إِيمَانٌ) في الحديث أعلاه لِلتَّفْخِيمِ، وَالْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ البَاطِنِ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5 /1741)
وقد عبر عن الإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، في أحاديث أركان الإيمان وأركان الإسلام بالشهادتين، كما جاء في قوله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان والإسلام والقدر وعلامة الساعة)
والإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، أساس الدين، ومنطلق قبول الأعمال، فلا عجب إنْ احتل صدارة أفضل الأعمال.
جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
جاء التعريف في لفظ (الجِهَادُ) في الحديث أعلاه لِلْعَهْدِ، قَالَ الطِّيبِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِهَادُ الخَالِصُ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5 /1741)
ومن الآيات القرآنية الدالة على فضل الجهاد في سبيل الله، قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 111)
ويقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ* وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (الصف:10-13)
ويقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ، بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ) (صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله) والآيات والأحاديث بهذا الشأن كثيرة، وتفاصيلها عديدة، والمجال هنا لا يتسع لذكرها.
حَجٌّ مَبْرُورٌ
قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ أَيْ مَقْبُولٌ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: (بَرَّهُ أَيْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، يُقَالُ بَرَّ اللَّهُ عَمَلَهُ، أَيْ قَبِلَهُ، كَأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَى عَمَلِهِ بِقَبُولِهِ، وَقِيلَ أَيْ مُقَابَلٌ بِالْبَرّ، وَهُوَ الثَّوَابُ، أَوْ هُوَ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَآثِمِ) وَفِي الدُّرِّ لِلسُّيُوطِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ، أَخْرَجَ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَا الحَجُّ الْمَبْرُورُ؟ قَالَ: أَنْ يَرْجِعَ زَاهِدًاً فِي الدُّنْيَا، رَاغِبًاً فِي الْآخِرَةِـ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5 /1741)
جاء في عمدة القاري أن الحَج المبرور هو الَّذِي لَا يخالطه شَيْء من المأثم، وَهُوَ من الْبر، وَهُوَ اسْم جَامع للخير. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 9 /133)
ومن الأحاديث الدالة على فضل الحج المبرور وأهميته، حديث عائِشَةَ أُمِّ المؤْمِنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أنَّها قالَتْ: (يَا رسولَ الله، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العمَلَ، أفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ: لاَ، لكِنْ أفْضلَ الجِهادِ حَجٌّ مَبرُورٌ..) (صحيح البخاري، كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور)
قولها: (أَفلا نجاهد؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (قَالَ: لَا) ، أَي: لَا تجاهدن، قَوْله: (لَكِن) أي وَلَكِن أفضل الْجِهَاد فِي حقكن حج مبرور. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 9 /134، بتصرف)
تعليم بالسؤال والجواب
تكرر في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة استخدام أسلوب الحوار والمناقشة، وطرح الأسئلة والإجابة عنها، خلال عرض موضوعات، أو التطرق لقضايا، وبخاصة فيما يتعلق بأمور العقيدة والإيمان، وترسيخ مبادئ القيم والأخلاق، وهذا الأسلوب من أرقى أساليب التعليم الناجح الذي يشوق المتعلم، ويجذبه لمتابعة التعلم بحرص وتفاعل، ويرسخ المعلومة في ذهنه، بخلاف أسلوب السرد والتلقين، ومن الأحاديث المشهورة بهذا الصدد، حديث جبريل، عليه السلام، لما حاور الرسول، صلى الله عليه وسلم، والصحابة الحاضرون يستمعون، فعن عُمَر بْن الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) (صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان والإسلام والقدر وعلامة الساعة)
فهذه وقفة مع أسلوب حديث نبوي شريف صحيح، ومع ما تيسر من جوانب مضمونه المتعلق ببيان سلسلة أفضل الأعمال، وأكثرها مثوبة وقبولاً عند الله، عسى أن يكون بالتذكير فيها نفع للمتدبرين، الحريصين على التأسي بالنبي الكريم محمد، صلى الله وسلم، وعلى آل بيته الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أفضل الصلاة وأتم التسليم.
15 ذو الحجة 1445هـ

تاريخ النشر 2024-06-28
 دار الإفتاء الفلسطينية - القدس