.::::: أخبار :::::.

بيان صادر عن مجلس الإفتاء الأعلى بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1442 هـ - 2021م

تاريخ النشر 2021-04-14

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد؛
فبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك يطيب لمجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين أن يتقدم من الشعب الفلسطيني بعامة، وأبناء القدس بخاصة، وإلى الأمتين الإسلامية والعربية والمسلمين في كل مكان، بأحر التهاني والتبريكات، بأن أكرمهم الله تعالى أن يشهدوا شهر رمضان المبارك، الذي هو خير شهور العام، ففيه نزل القرآن الكريم، والله تعالى يقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ....}(البقرة: 185)، وفيه فرض الصيام، بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (البقرة: 183)، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ* لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِـيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ}(سورة القدر)، وفيه يعتق الله عز وجل المؤمنين من النار، لقوله صلى الله عليه وسلم:" مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَـوْمِ وَجْـهَـهُ عَـنْ النَّارِ سَبْعِيـنَ خَـرِيـفًا" (صحيح مسلم، كِتَاب الصِّيَامِ، باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه، بلا ضرر ولا تفويت حق) .
كما أن هذا الشهر الكريم هو شهر النصر، وحافل بكوكبة من انتصارات الأمة الإسلامية، التي استهلت بيوم الفرقان، يوم أعز الله عز وجل رسوله، صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين بنصره، الذي منّ به عليهم، فقال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُـمْ تَشْكُـرُونَ} ( آل عمران: 123)، ثم توالت انتصارات المسلمين في هذا الشهر الكريم، عبر التاريخ.
إن مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين ليهيب بمسلمي هذه الديار المباركة أن يستقبلوا هذا الشهر الكريم بقلوب يعمرها الإيمان، والعزم على أداء فريضة الصيام، وسنة القيام، وأداء زكاة أموالهم، وأن يحافظوا على حرمته في كل مواقعهم، سواء في ذلك، بيوتهم، وشوارعهم، ومؤسساتهم، وأسواقهم، وذلك باجتناب كل ما يتنافى مع حرمته، والتزام ما ينسجم مع روحه وأحكامه، عسى الله أن يتقبلنا جميعاً في عباده الصالحين، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم، نلجها من باب الريان الذي أعده الله تعالى للصائمين.
وبهذه المناسبة الكريمة، وفي ظل الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعيشه قطاع كبير من أبناء شعبنا الصابر، لا سيما بعد تفشي وباء كورونا، فإننا نناشد تجارنا الكرام أن يبتعدوا عن الجشع واحتكار السلع ورفع الأسعار، وبيع منتوجات المستوطنات، والسلع الفاسدة؛ ليحشروا بإذن الله تعالى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
كما نناشد المواطنين الكرام أن يشدوا رحالهم في هذا الشهر الفضيل إلى مدينة القدس، ومسجدها الأقصى المبارك، الذي هو بأمس الحاجة إلى ذلك في ظل ما يتعرض له من حملة شرسة تستهدف وجوده وقدسيته ووحدته، بالتدنيس والعدوان، والتي بلغت ذروتها مؤخرًا، متمثلة في الاقتحامات الجماعية، ومحاولة إدخال قرابين حية إليه، مع الاستمرار في استهداف روّاده والمرابطين فيه.
ونذكر بضرورة الاستمرار في الالتزام بإجراءات الوقاية من وباء كورونا، وأخذ التطعيمات اللازمة للوقاية منه، وضرورة أن يعزل المصاب بكورونا نفسه عن الآخرين، حتى يتجنب نقل العدوى لهم، وإن شق على المصاب الصوم جاز له الإفطار، وعليه القضاء.
ونحث أبناء شعبنا على اغتنام فرصة الانتخابات القادمة لتعزيز وحدة الصف.

شعبنا المرابط:
إننا نناشدكم تمتين وحدة صفنا، وإشاعة الصلح بين أبناء شعبنا، والبعد عن أسباب التناحر والنزاع، فالصلح له شأن عظيم في ديننا الحنيف، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (الأنفال: 1)، فهو يفوق درجة نافلة الصيام والصلاة والصدقة، فعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ‏أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: صَلَاحُ ‏ذَاتِ الْبَيْنِ، ‏فَإِنَّ فَسَادَ ‏ذَاتِ الْبَيْنِ ‏هِيَ الْحَالِقَةُ " (‏سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، باب منه، وصححه الألباني).
فلنضع غاية وحدة شعبنا وأمتنا، وتقوية صفها نصب أعيننا، ونحن نصوم ونصلي، ونتلو القرآن؛ لأنها من أسمى الغايات، قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون: 52).
والله نسأل أن يؤلف بين قلوب المؤمنين، وأن يعيننا على صيام هذا الشهر الفضيل، وأن يكتب لنا ثواب صيامه وقيامه، وأن يحقق لأمتنا العزة والنصر والسعادة، وأن يرفع عنا وباء كورونا بمنه وكرمه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




 دار الإفتاء الفلسطينية - القدس