تعتبر دار الإفتاء الفلسطينية أعلى مرجعية دينية اجتهادية في فلسطين، أنشأت بقرار رئاسي بتاريخ 1994/10/16م وهي ترتبط برئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وفقاً للمرسوم الرئاسي المذكور والذي أكد بالمرسوم الصادر في 2005/6/3م ، ونظراً للدور الريادي الذي يلعبه رجال الإفتاء في فلسطين في الإجابة عن أسئلة الناس واستفتاءاتهم الدينية في مختلف مجالات الحياة في العبادات والمعاملات والعقائد والأخلاق وبيان الأحكام الشرعية في المعاملات المادية والاجتماعية وغيرها، فقد تم استحداث خمس عشرة دار للإفتاء خلال عشر سنوات أنشئ أولها في مدينة القدس بتاريخ 20 / 10 / 1994م .
يُدير هذه الصروح مجموعة من رجال العلم الشرعي والتقوى ممن عرفوا بالخبرة وتوفرت فيهم الشروط اللازمة للإفتاء وإصدار الفتاوى الدينية والاجتماعية .
يتسع دور دور الإفتاء في فلسطين ليشمل مد جسور العلاقات مع المؤسسات الوطنية والشعبية والدولية ، والمشاركة في المؤتمرات والندوات المحلية والدولية، ونشر الفتاوى، وإعداد وترجمة البحوث الإسلامية ونشرها بعدة لغات .
يصدر عن دار الإفتاء عدد من مجلة الإسراء (كل شهرين ) وهي مجلة دينية تحتوي على العديد من الفتاوى والمقالات والدراسات والبحوث العلمية والإٍسلامية .
يرأس مجلس الإفتاء الأعلى مفتي القدس والديار الفلسطينية، ويضم في عضويته عدد من العلماء ذوي الخبرة والرأي ، وتنصب مهامه على دراسة وبحث المسائل الفقهية الشائكة، والخروج بآراء قوية صائبة، عن طريق الاجتهاد الجماعي .
الظروف السياسية السائدة أظهرت تداخلاً بين عدد من المؤسسات الإسلامية مما أدى إلى ظهور بعض الفتاوى غير الرسمية سواء عن شخصيات دينية رسمية أو رجال دين عاديين، ولولا تيقظ رجال الإفتاء في فلسطين لأصبحت الساحة الفلسطينية تعج بالعديد من الفتاوى والآراء الدينية التي قد تؤثر على المسيرة الاجتهادية والفقهية سلباً، ولولا الإصرار على أحقية دار الإفتاء في الاضطلاع بهذا الدور، والعمل الدءوب من أجل إنجاح مؤسسة الإفتاء الفلسطينية حسب القانون،الشرع، واللوائح، والأنظمة، لانتهى بنا الأمر إلى فوضى لا نعرف عقباها.
فقيام بعض رجال العلم الرسميين بإصدار بعض الفتاوى وتجييرها لمصالح شخصية أو ذاتية أو سياسية هو أحد المعوقات الرئيسية لأداء الفتوى كمصدر للإفتاء والاجتهاد ، فالفتاوى والافتاءات يجب أن يكون مصدرها دار الإفتاء الفلسطينية .
ويتطلب تثبيت هذا الدور العظيم وتعزيزه مواصلة العمل من أجل رفدها بالكوادر العلمية والإدارية والعمل على تطوير عملها وتنظيمه بشكل مستمر .
تحتل فلسطين مركزاً دينياً إٍسلامياً ريادياً بين الدول الإسلامية والعربية كونها تحتضن أولى القبلتين وثالث المسجدين ، ومسرى رسول الأمة صلى الله عليه وسلم ومعراجه ، علاوة على تاريخها وإسلاميتها العريقة ، حفاظاً على مكانة وقدسية فلسطين ممثلة بعاصمتها القدس الشريف مما يوجب على قيادتنا السياسية إيلاء الاهتمام المتواصل لدار الإفتاء ورفدها بأفضل العلماء والكوادر وتقديم التسهيلات اللازمة من أجل انجاح وإيصال رسالة هذه المؤسسة الرائدة إلى كافة بقاع الأرض .
إعادة فلسطين إلى دور الريادة في الإفتاء أمر يتحمل مسؤوليته كل شرفاء هذا الوطن الغالي، فبعد حرمان شعبنا والشعوب الإسلامية الأخرى من الوصول إلى فتاوى علمائنا بسبب ظروف الانتداب والإحتلال، أصبح واجباً علينا أن نرقى بدار الإفتاء الفلسطينية إلى أعلى مستويات الإفتاء والاجتهاد العلمي المشرق. |