قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»)(صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار)
وقفت الحلقة السابقة عند حادثة تقاضي رجل من النبي، صلى الله عليه وسلم، بغلظة، ما استدعى أن يهم به بعض أصحابه، رضي الله عنهم، لولا أن نهاهم، عليه الصلاة والسلام، بطريقة تنم عن حلم وأناة ورفق ولطف، مبيناً أن لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالاً، أَيْ صَوْلَةَ في الطَّلَبِ وَقُوَّةَ ْحُجَّةِ، وبين الإمام العيني أن ذلك يكون مع من يمطل أَو يسيء الْمُعَامَلَة، وَأما من أنصف من نَفسه، فبذل مَا عِنْده، وَاعْتذر عَمَّا لَيْسَ عِنْده، فَلَا تجوز الاستطالة عَلَيْهِ بِحَال، وتوسع عليه الصلاة والسلام، في اللطف تجاه المتقاضي من خلال الطلب من أصحابه بأن يعطوه سِنًّا من الإبل كالذي أخذ منه، ولما لم يجدوا سوى أفضل منه وجههم لأن يعطوه أفضل منه، معللاً طلبه هذا بقاعدة أخلاقية أرساها بقوله: «فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً».
يبين الشوكاني بأن رد المدين للدائن أكثر مما عليه يكون من حسن القضاء، حين يتم بغير شرط، ولا يمطل رب الدين، ولا يسوف به مع القدرة، ويقضيه جملة لا مفرقاً، وهذا ليس من باب قرض جر نفعاً للمقرض؛ لأن المنهي عنه ما شرط في عقد القرض، فلو فعل ذلك بلا شرط كما هنا جاز، بل نُدب عند الشافعي، وحسن المعاملة في الاقتضاء والقضاء يدل على فضل فاعل ذلك في نفسه، وحسن خلقه، وهو مظهر لقطع علاقة القلب بالمال ووالتعلق الزائد بالدنيا.
وفي حديث المتقاضي الذي أغلظ القول في طلب الاقتضاء جَوَازُ وَفَاءِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمِثْلِ الْمُقْتَرَضِ، إِذَا لَمْ تَقَعْ شَرْطِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ، فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًاً، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي الزِّيَادَةِ، فإِنْ كَانَتْ بِالْعَدَدِ مُنِعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْوَصْفِ جَازَتْ.
النبي المحتذى به في هذا الحديث الشريف
قيل: إن النبي المشار إليه في حديث عبد الله أعلاه، هو نوح، عليه السلام، وإن صح ذلك؛ فلعل هذا كان منه في ابتداء الأمر، ثم لما يئس منهم قال: { رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}(نوح: 26) وقومه الذين ضربوه هم الذين أرسل إليهم (فأدموه) أي جرحوه بحيث جرى الدم.(شرح القسطلاني=إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري:5/435، و10/83)
والمراد بقول الراوي الصحابي عبد الله بن مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: ( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: فِي اسْتِحْضَارِ الْقَضِيَّةِ، وَاسْتِحْفَاظِ الْقِصَّةِ، (يَحْكِي نَبِيًّا) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ يَحْكِي حَالَ نَبِيٍّ (مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ) أَيْ قَدْ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، فَهُوَ حَالٌ بِتَقْدِيرِ قَدْ، وَجُوِّزَ بِدُونِهِ أَيْضًا.
ومعنى قوله: «وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ» أَيْ: خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي فَمِهِ أَوْ عَيْنِهِ (وَيَقُولُ) أَيْ: مِنْ كَمَالِ صَبْرِهِ يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي».(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:8/3330)
وجاء بدل (وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ) في رواية عن الأعمش في صحيح مسلم: (فَهُوَ يَنْضِحُ الدَّمَ عَنْ جَبِينِهِ) ومعناه يفور ويسيل، يقال: نضحت العين: فارت. وقد يكون هنا بمعنى: يغسل الدم الذي على جبينه.
وفي هذا الحديث ما يدل على ما ابتلي به الأنبياء، وأهل الفضل، لينالوا جزيل الأجر، وليكونوا مثالاً لأممهم وغيرهم بما أصابهم، لكي يتأسوا بهم، وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر؛ ليتحققوا أنهم مخلوقون مربون.(إكمال المعلم بفوائد مسلم:6/164)
«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»
الرسول، صلى الله عليه وسلم، المبعوث رحمة للعالمين، راعى الظهور بالمثال الحسن، والقدوة المثلى في الشأن كله، ومنه الصبر على ما يلقى من أذى، والتصرف بحكمة بالغة، ليتأسى به محبوه، وليعلم أنه من البشر تصيبه محن الدنيا، كما تصيب الآخرين، وحرص عليه الصلاة والسلام، على تحقيق هذه الغاية السامية، حتى في أحلك المواقف، وأصعب الظروف، وحديث عبد الله بن مسعود المثبت نصه أعلاه، شاهد واضح لهذه الحقيقة المنهجية، حيث إن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، لما ساق خبر ذاك النبي من إخوانه السابقين الذي بعد أن ضربه قومه فأدموه، قال: "اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون".
ومعنى «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي» أَيْ: فِعْلَهُمْ هَذَا؛ بِمَعْنَى لَا تُعَذِّبْهُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا تَسْتَأْصِلْهُمْ، وَإِلَّا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ المَغْفِرَةَ للْكُفَّارِ بِمَعْنَى الْعَفْوِ عَنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمَغْفِرَةُ كِنَايَةً عَنِ التَّوْبَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَغْفِرَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» وَهَذَا مِنْ كَمَالِ حِلْمِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ، حَيْثُ أَذْنَبَ الْقَوْمُ، وَهُوَ يَعْتَذِرُ عَنْهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أَنَّهُمْ مَا فَعَلُوا مَا فَعَلُوا إِلَّا لِجَهْلِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الذَّنْبَ مَعَ الْجَهْلِ أَهْوَنُ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الذَّنْبِ مَعَ الْعِلْمِ، وَلِذَا وَرَدَ: وَيْلٌ لِلْجَاهِلِ مَرَّةً وَوَيْلٌ لِلْعَالَمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ.(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:8/3330)
وأضافهم إليه بقوله: "قومي" شفقة ورحمة بهم، ثم اعتذر عنهم بجهلهم، فقال «فإنهم لا يعلمون».(شرح القسطلاني=إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري:10/83)
ويشير هذا الحديث إلى ما كان عليه الأنبياء، صلوات الله عليهم، من الحلم والصبر والشفقة على أقوامهم وأممهم، وأنهم مع ما فعل بهم، وأذاهم لهم دعوا بالغفران، وعذروهم بالجهل وقلة العلم بما أتوه.(إكمال المعلم بفوائد مسلم:6/164)
رجاء أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ
كانت للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، مواقف مؤكدة على أنه مبعوث رحمة للعالمين، فبعد غزوة أحد، التي لقي فيها وأصحابه، شدة بالغة، تبعها مجيء جبريل، عليه السلام، إليه، ثم ملك الجبال الذي طلب إذنه ليطبق الأخشبين على كفار مكة، ليخلصله من شرهم، إلا أنه، صلى الله عليه وسلم، رد عليه بقوله: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» حسب ما جاء في الحديث الصحيح عَنِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قَالَ: " لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا).(صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء، آمين [ص:114] فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه)
معاني الحديث
يبين الإمام العيني أن قَوْله: «يَوْم أحد» هُوَ يَوْم غَزْوَة أحد، التي كَانَت فِي سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة. و(يَوْم الْعقبَة) هِيَ الَّتِي تنْسب إِلَيْهَا جَمْرَة الْعقبَة، وَهِي بمنى. وقَوْله: «إِذْ عرضت نَفسِي» أَي: حِين عرضت نَفسِي، كَانَ ذَلِك فِي شَوَّال فِي سنة عشر من المبعث، وَأَنه كَانَ بعد موت أبي طَالب وَخَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذكر أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما مَاتَ أَبُو طَالب توجه إِلَى الطَّائِف رَجَاء أَن يؤوه، فَعمد إِلَى ثَلَاثَة نفر من ثَقِيف، وهم ساداتهم، وهم إخوة: عبد ياليل، وحبِيب ومسعود بَنو عَمْرو، فَعرض عَلَيْهِم نَفسه، وشكا إِلَيْهِم مَا انتهك مِنْهُ قومه، فَردُّوا عَلَيْهِ أقبح رد. و(ابْن عبد يالِيل) بكسر اللَّام، وَسُكُون الْيَاء، وكان من أكَابِر أهل الطَّائِف من ثَقِيف، وقَوْله: «على وَجْهي» مُتَعَلق بقوله: «انْطَلَقت» أَي على الْجِهَة المواجهة لي. وقَوْله: «بقرن الثعالب» جمع الثَّعْلَب، الْحَيَوَان الْمَشْهُور، وَهُوَ مَوضِع بِقرب مَكَّة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ مِيقَات أهل نجد، وَيُقَال لَهُ: قرن الْمنَازل، بِفَتْح الْمِيم، وَيُقَال: هُوَ على مرحلَتَيْنِ من مَكَّة، وأصل الْقرن كل جبل صَغِير مُنْقَطع من جبل كَبِير، وَقَالَ عِيَاض: يُقَال فِيهِ: قرن، وَقَالَ الْقَابِسِيّ: من سكّن الرَّاء أَرَادَ الْجَبَل المشرف على الْموضع، وَمن فتحهَا أَرَادَ الطَّرِيق الَّذِي يتفرق مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَوضِع فِيهِ طرق مُتَفَرِّقَة.
وقَوْله: «ملك الْجبَال» أَي: بعث الله إِلَيْك ملك الْجبَال، وَهُوَ الْملك الَّذِي سخر الله لَهُ الْجبَال، وَجعل أمرهَا بِيَدِهِ. قَوْله: «ذَلِك» مُبْتَدأ، وَخَبره مَحْذُوف، أَي: ذَلِك كَمَا قَالَ جِبْرِيل، أَو كَمَا سَمِعت مِنْهُ، أَو الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف، أَي: الْأَمر ذَلِك.
قَوْله: (فِيمَا شِئْت؟) كلمة (مَا) فِيهِ استفهامية، وَجَزَاء قَوْله: (إِن شِئْت) مُقَدّر، أَي: إِن شِئْت لفَعَلت. وقَوْله: (أَن أطبق) أَي: بِأَن أطبق، و(أَن) مَصْدَرِيَّة، تَقْدِيره: لفَعَلت بإطباق الأخشبين عَلَيْهِم، والأخشبان بِالْخَاءِ والشين، هما جبلا مَكَّة: (أَبُو قبيس) وَالَّذِي يُقَابله (قيقعان) وقيل: بل هُوَ الْجَبَل الْأَحْمَر الَّذِي يشرف عَلى (قيقعان) وَوهم من قَالَ: (ثَوْر). وسميا بذلك لصلابتهما وَغلظ حجارتهما، يُقَال: رجل أخشب؛ إِذا كَانَ صلب الْعِظَام عاري اللَّحْم، وَالْمرَاد من قَوْله: (أَن أطبق عَلَيْهِم): أَن يلتقيا على من بِمَكَّة، فيصيران كطبق وَاحِد عَلَيْهِم. وقَوْله: «بل أَرْجُو» كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين. وقَوْله: «أَن يخرج الله» بِضَم الْيَاء من الْإِخْرَاج. قَوْله: (من يعبد الله) فِي مَحل النصب؛ لِأَنَّهُ مفعول يخرج. وقَوْله: (يعبد الله) أَي: يوحده. وقَوْله: (لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا) تَفْسِيره.(عمدة القاري شرح صحيح البخاري:15/ص141)
ويبين ابن حجر العسقلاني أن فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ شَفَقَةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى قَوْمِهِ، وَمَزِيدِ صَبْرِهِ، وَحِلْمِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ...} (آل عمران:159) وَقَوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(الأنبياء:107)(فتح الباري لابن حجر:6/316، بتصرف)
فهذه وقفة ثالثة عند صور أخرى من حلمه، صلى الله عليه وسلم، ولطفه ورفقه، استوحيت من ردوده على استغضاب بعض الناس له، آملين أن يوفق الله للوقوف عند مزيد من شواهد هذه القيم والأخلاق التي تحلى بها نبينا محمد، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آل بيته الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
18 صفر 1446هـ