مجلس الإفتاء الأعلى

1- تعريفه:
هو هيئة دينية علمية بفلسطين، ويعين أعضاؤه بموجب أوامر رئاسية بناء على توصية سماحة المفتي العام للقدس والديار  الفلسطينية.

2- أسباب قيام مجلس الإفتاء الأعلى:
أ- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال تعالى:(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(آل عمران:104).
ب- الدعوة إلى الإسلام.
ج- وجود السلطة الوطنية: حيث بدء المجلس أعماله واستمد قرار إنشائه بقرار رئاسي بعد وصول السلطة الوطنية إلى فلسطين.

3- عمل مجلس الإفتاء الأعلى:
أ- استنباط الأحكام الشرعية في القضايا المعاصرة المستجدة، وتعميمها على الناس كافة.
ب- الترجيح في المسائل الخلافية.

4- الأعضاء في مجلس الإفتاء الأعلى:
أ- يشترط في العضو أن يكون دارساً للشريعة الإسلامية والحد الأدنى هو بكالوريوس.
ب- لا بد من موافقة رئاسية على العضو المرشح للمجلس وذلك على أساس توصية وتنسيب من سماحة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية.

5- غاية مجلس الإفتاء الأعلى: استئناف الحياة الإسلامية، وحمل أمانة الدعوة الإسلامية إلى العالم بأسره.

6- طريقة مجلس الإفتاء الأعلى في تبني الأحكام الشرعية: المسائل المعروضة على المجلس إما أن تكون مستجدة لم يسبق لها حكم عند علماء المسلمين السابقين لأن المسألة لم تكن موجودة في زمانهم، والنوع الثاني من المسائل تكون معروفة ولكن لها عدة أجوبة وحلول شرعية عند مختلف العلماء السابقين وبناء على ذلك:
بالنسبة للصورة الأولى: فإن المجلس يستنبط الحكم للمسألة المستجدة، وذلك بفهم واقع المسألة ومناط الحكم، ومن ثم ينزل عليها الحكم الشرعي، مع بيان الدليل الواضح الذي تم على أساسه أخذ الرأي المعين في تلك المسألة.
وبالنسبة للصورة الثانية: فيجري استعراض آراء الفقهاء مع عرض لأدلتهم، ثم مناقشتها، ومن ثم أخذ الراجح منها حسب قوة الدليل، ويشترط لتبني الرأي الراجح أن يؤيد الرأي أغلبية الأعضاء.

والمصادر التي يعتمد عليها مجلس الإفتاء الأعلى للوصول إلى الأحكام المتبناه هي القرآن الكريم، السنة النبوية، الإجماع، القياس.

الفتوى:
إن معرفة الحكم الشرعي فرض عين، واستنباط الحكم الشرعي فرض كفاية، ولكن ضرورة تجدد الوقائع والحوادث، وتحريم الإسلام علينا أن نأخذ أي حكم غير الحكم الشرعي، يجعل فرض الكفاية هذا لا يقل لزوماً عن فرض العين. ولذلك لا بد أن يوجد في الأمة الحشد العظيم من المستنبطين والمجتهدين. والتفكير لاستنباط الحكم الشرعي لا يكفي فيه مجرد القراءة حتى يستنبط، وإنه يحتاج إلى معرفة:

1) الألفاظ والتراكيب.

2) والأفكار الشرعية،

3) والواقع للفكر أي للحكم، معرفة تمكن من الاستنباط، لا مجرد معرفته.

فلا بد أن يكون المستنبط عالماً بالتفسير والحديث وأصول الفقه، ولا بد أن يكون عالماً بالواقع الذي يريد استنباط الحكم له. وليس معنى كونه عالماً أن يكون مجتهداً في هذه المواضيع، بل يكفي أن يكون ملما مجرد إلمام. فهو يستطيع أن يسأل عن معنى كلمة أو يرجع اليها في القاموس، ويستطيع ان يسال مجتهدا في النحو والصرف، أو يرجع إلى كتاب في النحو والصرف ليعرف إعراب جملة أو تصريف كلمة. ويستطيع أن يرجع لعالم من علماء الحديث أو يرجع إلى كتاب من كتب الحديث ليعرف الحديث. ويستطيع أن يسأل عالماً بالواقع الذي يريد فهمه، ولو كان غير مسلم، او ان يرجع الى من حيث هذا الواقع فلا يعني كونه عالما ان يكون مجتهداً، أو متبحراً، بل يكفي أن يكون ملماً إلماماً يمكنه من الاستنباط. ولا سيما بعد أن أصبح بين يدي الناس كتب في اللغة العربية، والشرع الإسلامي، ووقائع الحياة، وهذه الكتب ميسرة لجميع الناس، يمكن الرجوع إليها والإستعانة بها للإستنباط. وإذا كان من قبلنا قد ضيقوا على أنفسهم سبيل الإجتهاد والإستنباط، واكتفوا بمجرد المعرفة، فكانوا في جمهرتهم مقلدين، وتجددت الحوادث والوقائع، ولم يوجد لها حكم، فإن تصميمنا على أن نتقيد بالأحكام الشرعية، ونخوض معترك الحياة على أعلى مستوى وبشكل واسع ومنفتح يحتم علينا (وقد تيسرت لنا كتب المعرفة والعلم، أن نرتفع من التقليد إلى مرتبة الاستنباط، وأن نعالج جميع شؤون الحياة بالأحكام الشرعية وحدها، وذلك لا يكلفنا إلا الحصول على المعرفة اللازمة للاستنباط .

الخلاصة: 
إن مراتب الاجتهاد هي مراتب الإفتاء، ودرجات المجتهدين هي درجات للمفتين أيضاً. فالمجتهد والفقيه والمفتي ألفاظ مترادفة في اصطلاح علماء الأصول ومهما قيل من فرق بينها وعدم وجوب التسوية بينها إلا أن الفرق بين الاجتهاد والإفتاء غير ذي بال، فكلا التعريفين ملتقيان في الأساس وهو العلم فإذا قلنا إن المجتهدين مراتب، فمنهم المجتهد المطلق، ومجتهد المذهب ومجتهد المسألة ومجتهد الترجيح … الخ . فإن المفتي نفس المراتب السابقة فلا إشكال بعد ذلك.

الاجتهاد :
الاجتهاد في اللغة: هو استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور مستلزم الكلفة والمشقة .
الاجتهاد في إصطلاح الأصوليين: مخصوص باستفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجزّ .
والاجتهاد ثابت بنص الحديث: فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن مسعود " اقض بالكتاب والسنة إذا وجدتهما، فإذا لم تجد الحكم فيهما اجتهد رأيك ".

وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري وقد أنفذهما إلى اليمين: "بم تقضيان؟ فقالا: إن لم نجد الحكم في الكتاب والسنة قسنا الأمر بالأمر فما كان أقرب إلى الحق عملنا به" وهذا القياس منهما هو اجتهاد باستنباط الحكم، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهما عليه.
وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ بن جبل أرسله والياً إلى اليمن: "بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد. قال: اجتهد رأيي. فقال: الحمد لله الذي وفق رسول، رسول الله لما يحبه الله ورسوله". وقد قيل في الحديث أن ( عبادة بن نسي)رواه عن (عبد الرحمن بن غنم ) عن ( معاذ ) وهذا اسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة . / كتاب الفقه والمتفقه / الخطيب البغدادي / ج1. ( طبع في دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الثانية ، الصادرة سنة 1980م .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله، إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان أمر ولا نهي فما تأمرنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم "شاوروا فيه الفقهاء والعابدين" رواه الطبراني في "معجمه الأوسط "وقال الهيثمي في"مجمع الزوائد" ج1/ص178: رجاله موثوقون من أهل الصحيح ، وصححه السيوطي، في كتاب" مفتاح الجنة ص40 .
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمر يحدث ليس فيه كتاب ولا سنة؟ فقال:"ينظر في العابدون من المؤمنين" سنن الدرامي/ج1/ص49 ، مرسلاً، ورجاله ثقات.
وإن مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين يقوم مقام ( مجتهد المسألة )

المنهج :
1- بعض الباحثين يسلكون مسلك اللين في بحوثهم الشرعية، فيجيزون كل ما هو جائز في البلاد. وإذا كانوا يرون هذا أسلم لهم عند الناس، وعند الدولة، فإنه ليس أسلم لهم عند الله، وليس هذا من الدين ولا من العلم بسبيل.
2- وبعض الباحثين مفتونون بالقوانين الوضعية الحديثة ، يباهون بمعرفتها، يحتجون بها، وكأنها قرآن أو سنة أو نص إمام فقيه.
3- وبعض الباحثين والمفتين يخلصون في بحثهم أو فتواهم إلى أن هذا جائز شرعاً، بشرط ألا يخالف الشريعة الإسلامية، وكأنهم يقولون: جائز بشرط أن يكون جائزاً، فهم يفتون بترك الفتوى للمستفتي، مع أن المطلوب منهم أن يقولوا: هذا جائز، وهذا غير جائز، وإلا لماذا كان البحث؟ وفيم العناء؟ ربما يكون مرادهم جائز  منه ما علمناه، وما لم نعلم يجب ألا يكون فيه مخالفات، يعني: يقولونها من باب الحيطة في الأمور التي قد تغيب، ولكن الصياغة مهمة، دفعاً للشك والالتباس.
4- ليس المطلوب أن ننظر في القوانين واللوائح فكرة فكرة، وكلمة كلمة وانما المطلوب ان ننظر (كتابة) فيما يستحق النظر الشرعي، لحرام أو شبهة، وما بقي فمتروك على أصل الإباحة في المعاملات المالية، وتفصيل الحرام قد يوهم بأن الحرام كثير، والحقيقة أن الحلال أوسع من الحرام بكثير ، وهو الأصل.

المصطلحات:
ستمر معنا بعض المصطلحات، إن المصطلح من عادة الباحث المسلم أن يعتني به، وينظر فيه من أين كان مأخذه في اللغة؟ فهذا في العلم مهم، لأن المصطلح وعاء إذا كان ملائماً فإنه يستوعب بانسجام أفكاره ومفرداته، وإذا كان غير ملائم فإن ما يدخل فيه يتفلت من الذهن، ولا يترابط، وتكون الإحاطة به مجهدة.

 دار الإفتاء الفلسطينية - القدس