القدس: أدان مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين الزيارات التي تقوم بها جماعات من المطبعين مع سلطات الاحتلال إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك، والصلاة فيه، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، وبمرافقة موظفين من وزارة الخارجية الإسرائيلية، معتبراً أن هذه لحظات حزينة للمسجد الأقصى لا تختلف عن الاقتحامات المتكررة لجنود الاحتلال ومستوطنيه، الذين يدنسون ساحات المسجد الأقصى تحت حماية جنود الاحتلال، وبيّن المجلس أن المسجد الأقصى المبارك للمسلمين وحدهم، وزيارته مرحب بها لمن شد الرحال إليه بما لا ينزع الشرعية العربية والإسلامية عنه، وليس من خلال التطبيع مع سلطات الاحتلال، محذراً من التبعات الخطيرة لزيارات الذل والخذلان هذه وانعكاساتها السلبية على أمن المسجد الأقصى المبارك، وحرمة المرابطين في أكنافه.
وعلى صعيد ذي صلة؛ ندد المجلس بعزل القدس والمسجد الأقصى، وحرمان آلاف المصلين من الوصول إليهما، موضحاً أن سلطات الاحتلال تستغل جائحة كورونا من أجل تفريغ المسجد الأقصى للسيطرة عليه، وتسهيل اقتحام المستوطنين المتطرفين له، محملاً سلطات الاحتلال عواقب هذا التخطيط، الذي يهدف للمس بالمسجد الأقصى المبارك، وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، لا قدر الله.
من جانب آخر؛ استنكر المجلس قرار سلطات الاحتلال بناء آلاف الوحدات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، مبيناً أنها تعمل على تعميق الاستيطان، وبناء مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، في محاولة منها لفرض سياسة الأمر الواقع، وتهويد الأراضي الفلسطينية، وإفراغها من سكانها الفلسطينيين الأصليين، ضمن مشروع إحلالي يستهدف كامل الأراضي الفلسطينية، وتقطيع أوصال المدن الفلسطينية بما فيها مدينة القدس، ليتسنى عزلها عن امتدادها الفلسطيني، في محاولة لتهويدها بالكامل، وعبر المجلس عن رفض أشكال الاستيطان كلها، وأن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا السرطان الاستعماري، الذي هو تنفيذ لمخطط صفعة العصر التي تحاول الإدارة الأمريكية وأعوانها فرضها.
وعلى الصعيد ذاته، شجب المجلس استعداد بعض العرب والمسلمين للاستثمار في المخطط الاستيطاني الذي يُعد لتهويد أجزاء واسعة من الأحياء المقدسية، التي منها وادي الجوز والشيخ جراح والمصرارة، عبر تحويل مناطق شاسعة منها لمركز استثماري استيطاني في مشروع يعرف بـ"وادي السيليكون" مؤكداً أن هذا المشروع ما هو إلا تجسيد لصفقة القرن على أرض الواقع، التي تتعارض مع إصرار الفلسطينيين على رفض التنازل عن حقوقهم المشروعة وعن أرضهم ومقدساتهم، وأن المنحرفين عن جادة الصواب من العرب والمسلمين - وللأسف الشديد – انحرفت بوصلتهم عن العمل لصالح القضية الفلسطينية ومقدسات الأمة، من خلال ما يسمى بالتطبيع، على حساب الحقوق المشروعة الثابتة للشعب الفلسطيني، التي تقرها الشرعية الدولية، محرماً المجلس التعامل مع هذا المشروع وأمثاله الذي يمس الأرض الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالأسرى البواسل، حمَّل المجلس سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى كافة، الذين يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والقمع والاعتداء على حريتهم، بما يتعارض مع الشرائع السماويــــــة والقوانين الدوليـــة، منبهاً إلى ما يتهدد حياة الأسير البطل ماهر الأخرس المضرب عن الطعام منذ (88) يوماً، وقـــــــال: إن مواصــلة ســــلطات الاحتلال لسياساتها الإجرامية تجاه الأسرى بما في ذلك الإهمال الطبي المتعمد، دليل على خطورة الأوضاع في سجون الاحتلال والمعتقلات الإسرائيلية، وطالب المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية، بالتدخل السريع والفوري للإفراج عنهم، وإنقاذ حياتهم، ودعا إلى مواجهة ظلم الاحتلال الذي ينتهك أبسط حقوق الأسرى المكفولة في القوانين والاتفاقات والقرارات الدولية.
جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس الثامنة والثمانين بعد المائة، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس، علماً بأن القرارات تنشر عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.
|